الآن عرفنا السبب الرئيسى أو ربما الوحيد الذى دفع حسن شحاتة المدير الفنى للمنتخب الوطنى لاستبعاد أحمد حسام "ميدو".. والذى عرفناه منه هو نفسه وليس أحد المقربين إليه أو محترفى الاجتهادات.
قال شحاتة فى تصريحات صحفية إن علاقة اللاعب بربه هى أساس الاختيار.. ورغم أننا نقدر لشحاتة هذا الموقف الدينى والانضباطى الذى هو الأساس الذى يبنى عليه أى عمل جماعى نجاحه وتميزه، إلا أن إقحام الدين فى شئون الفرق والملاعب جديد علينا أو على الأقل جديد فى الكشف عنه صراحة.. ثم أن الإعلان عن ذلك فى وسيلة إعلامية سوف يكون مادة خصبة ومطلوبة فى وسائل إعلام عالمية دائماً ما تهتم بربط الدين بنواحى حياتنا وقراراتنا وسلوكياتنا وعلاقتنا بالآخرين وهذا ما حدث من صحيفة إيطالية ذهبت إلى أبعد من نوايا حسن شحاتة الحسنة، وقالت إن الانضمام للمنتخب المصرى للساجدين المتدينين فقط.. وهذا شبيه بما يحدث من ردود فعل عندما تخرج مذيعات على الشاشة محجبات.. أو ما يدور من جدل حول الحجاب فى أوروبا أو النقاب فى مصر.
لم يكن حسن شحاتة يقصد أية نواحى دينية بالمعنى المفهوم، لكنه كان يقصد توابع التدين فيما يتعلق بالسلوك ونمط الحياة الذى اعتاده أى لاعب.. ويبدو أن ميدو ينقل نمطه الأوروبى فى أى مكان يذهب إليه، وبالتالى لم تكن القضية الأساسية أنه متدين أو غير متدين أو أنه يصلى أو لا يصلى لأن ذلك كان قابلاً للحل مثلما حدث مع محمد زيدان..
وفى حقيقة الأمر ورغم التصريح من عندنا باسم ميدو إلا أن ذلك لا يقلل من شأنه، فالعلاقة بين العبد وربه خاصة جداً ولا تعرف حدودها مع ميدو الذى قد يكون أفضل من آخرين.. والإنسان يظل حراً فى تفكيره واعتقاده ليكون الدين لله واللعب للأكفاء.. إلا إذا اتسعت دائرة حريته ومست من حوله فهنا لا يكون حراً.. ونحن لا نملك دلائل على أن ميدو تخطى مرحلة الحرية الخاصة مع نفسه إلى حرية مؤثرة على الآخرين.. لكنها اجتهادات لها أساس وأصل لأننا لم نعثر على أسباب أخرى فنية لاستبعاده وهو الذى وصل لأفضل مستوى له فى الملاعب المصرية منذ أن عاد من إنجلترا..
ومع الإقرار بحريتنا فى التساؤل والاستفسار والاستنتاج وحرية ميدو وغيره فى أن يمارس الحياة بالطريقة التى يريدها مادام يحصرها فى نطاقه الخاص الضيق.. نقر أيضاً بحرية حسن شحاتة فى أن يختار ما يراه مناسباً لطريقته وأسلوبه وما يراه مطلوباً لكى ينجح.. وليس من حقنا أن نحجر عليه ولا على ميدو.. وفى نفس الوقت ليس من حقنا أن نشغل أحد بموضوع قديم تجاوزناه، لكن يأتى دافعنا للإشارة إليه لأن تصريحات شحاتة امتدت إلى ما وراء حدودنا حتى وصلت إلى أوروبا.. وهو ما يمثل لنا حساسية خاصة جداً على مستوى دولة تقاوم خلط الدين بالسياسة أو الإشارة ولو من بعيد إلى أى شكل من أشكال التطرف الدينى، خاصة أن كلمة "الساجدين" أثارت حفيظة البعض فى مصر وليس فى العالم.. خاصة أيضاً أن معايير عداء المنظومة العالمية لأى دولة أصبحت مبنية على أسس دينية.. وكان بمقدور شحاتة أن يقول المعنى دون "التنشين" مباشرة على الدين.. وكان يكفيه أن يتحدث عن الانضباط وهى كلمة تخص السلوك بشكل عام.. لكن فى النهاية نحن متأكدون أن شحاتة لم يقصد المعنى الذى يحب الغرب أن يقصده ويفهمه.