ملخص
أنا هنا لا أقلل من مصرية أي فرد، ولكن بالفعل يجب أن يعلم الجميع أن هناك نوعيات للمشاهدين وجمهور الكرة، ومباراة الجزائر تحتاج لجمهور "قديم"
شمال يمين .. العبوا يا مصريين ، هوبا إيه .. هوبا آه .. هوبا تيتو مامبو، واحدة واحدة .. تاتا تاتا .. الجزائر هاتشيل تلاتة !!
هذه هي بعض الأهازيج التي استحدثها مشجع الكرة المصري في الآونة الأخيرة والذي - مع الأسف - وجد من يدعمه ويشجعه على انتهاج ثقافة "التيتو" و"المامبو" وما إلى ذلك.
جيل مشجعي المنتخب الذي نراه هذه الأيام أصبح يطلق عليه الجميع "جمهور مارينا" واتحاد الكرة - بما أنه من جيرانهم - أعطى المزيد والمزيد من أجل "تنظيف" مدرجات استاداتنا من الجمهور الحقيقي الذي لا يكف عن التشجيع والذي كان يذهب من أجل شيء واحد وهو فريقه أو منتخب بلده.
أما الآن فالأمر أصبح عبارة عن اسكتشات غنائية وديفيليه واستعراض للملابس، بل إن هذا الجيل صار يذهب إلى الاستاد ليجد كرسياً يجلس ويرتاح عليه ويشاهد المباراة وكأنه في بيته، ولم يعد يعاني مثلما كان يحدث من قبل حينما كنا نبحث عن مدرج خرساني بدون مقاعد نتابع المباراة ونحن نقف عليه!.
"بص شوف مصر بتعمل ايه" ... "الله اكبر .. الله اكبر" .. "صلوا ع النبي .. صلوا ع النبي ... مدد مدد .. شدي حيلك يا بلد" .. هذه الهتافات لم تعد موجودة رغم وجود اسم البلد الذي يجب أن يهز كل أركان الاستاد من أجل شحذ همم اللاعبين كلما سمعوا اسم مصر.
أنا على يقين من أن الحديث لن يعجب العديد من مشاهدي ومشجعي هذا الزمن، ولكني سأقول كلمتي على أي حال، ففي أمم إفريقيا 2006 وكأس العالم للشباب المنقضية والبطولتين استضافتهما مصر، شاهدت بعيني صالة للديسكو وليست مدرجات كرة قدم !! .. شاهدت أولاد وبنات لا يعيرون المباريات اهتماماً على الإطلاق ويقومون بالتقاط الصور التذكارية من أجل وضعها علي الفيس بوك أثناء سير المباراة مولين الملعب واللاعبين ظهورهم متحلين بابتسامات عريضة .. للغاية!.
أستاذنا الفاضل حسن المستكاوي تحدث عن واقعة لم أتعجب منها وهي أنه في عام 2006 كانت مصر تلعب ضد إحدى المنتخبات، وقام الكابتن حسن شحاتة بتبديل ميدو، فإذا ببنت من نوعية المشجعين الذين نتحدث عنهم تسأل صاحبتها قائلة: هو ميدو خرج ليه؟؟ طيب هو مش هاينزل تاني؟!! ولا تعليق.
وأخيراً، نشكرك يا اتحاد الكرة المصري علي إتاحة الفرصة وتوسيع قاعدة "جمهور مارينا" في المدرجات على حساب جمهور الدرجة الثالثة الأصيل الذي يعطي للمباريات مذاقاً ونكهة خاصة بتشجيعه غير المفتعل بعد ما لمسناه من جهد في "تحريك" أسعار تذاكر مباراة مصر والجزائر المصيرية والحاسمة والتي لا تقبل أي تهاون .. "واخدين بالكم من تهاون دي؟؟".
أنا هنا لا أقلل من مصرية أي فرد، ولكن بالفعل يجب أن يعلم الجميع أن هناك نوعيات للمشاهدين وجمهور الكرة، ومباراة الجزائر تحتاج لجمهور "قديم"، فالمنتخب الآن مثل الابن الذي يستعد لامتحان نهائي، وعليه أن يستعين بالأب والأم وليس بمن هو أصغر منه - مع كامل احترامي.
وأحب أن أذكر اتحاد الكرة الذي أصبحت الفائدة المادية بالنسبة له أهم من الفائدة المعنوية بأن الجميع - وعلى الفور بعد نهاية مباراة الجزائر ورواندا - طالبوا الجماهير الحقيقية والتي تعرف اين ومتي وكيف تشجع منتخبها بالذهاب لتلك المباراة واضعين لافتة "ممنوع البنات والسيدات".
ولكن، ضرب اتحاد الكرة بكل تلك الأفكار والمقترحات عرض الحائط وكأنهم يقولون في قرارة أنفسهم: لازم نكسب حاجة لو خسرنا لا قدر الله !!.
وسأذكر البعض ممن كانوا يذهبون لاستاد القاهرة قديماً بصوت زئير الجماهير التي اشتهر بها استاد القاهرة مع كل هجمة أو هدف، وصوت التشجيع الذي كان يزلزل المدرجات وأرجاء الملعب منذ لحظة الوصول ونحن خارج الاستاد قبل المباراة إلى ما بعد دخول الاستاد وحتى نهايتها ما دفع كل من لعب على هذا الاستاد أمام مصر أن يطلق عليه اسم "استاد الرعب".
بالعربي، مباراة الجزائر مباراة حياة أو موت بالنسبة لمنتخبنا، واعتقد أنه ليست هي هذه المباراة التي ستؤثر مادياً على اتحاد الكرة أو أي جهة، لكنها "هاتفرق" مع المشجع البسيط العادي الذي يكاد يملك ثمن المأكل والمعيشة والملبس .. وبيروح الماتشات بأي لبس .. مش رايح حفلة سواريه!.